صنهاجة

من المجمع عليه عند النسابة والمؤرخين أن صنهاجة من فروع حمير التي نزحت من اليمن بعد انهيار سد مأرب إلى دلتاهات النيل ثم انتشروا غربا في ليبيا وتونس قبل أن ينزحوا تحت وطأة الحروب والحملات الإسلامية على إفريقيا باتجاه المغرب والجزائر فمالي وصولا إلى الصحراء الكبرى، يقول الهمداني في كتابه الإكليل في أنساب حمير وأيامها:"لمتونه فخذ من صنهاجة وصنهاجة فخذ من ولد عبد شمس ابن وائل بن حمير"اهـ، ويقول الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك:"أقام من حمير في البربر صنهاجة وكتامة وهم فيهم اليوم"اهـ، وينحو ابن الأثير نفس المنحى في كتابه الكامل في التاريخ، والقلقشندي في كتابه نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، وابن خلكان في وفيات الأعيان، ولأبي محمد بن حامد الكاتب في الإشادة بالحركة المرابطية الصنهاجية:
قوم لهم شرف العلى من حمير == وإذا انتموا لمتونة فهمُ همُ
لما حووا علياء كل فضيلة == غلب الحياء عليهمُ فتلثموا
وفي بلاد شنقيط يتفق النسابة على صحة حميرية صنهاجة:
فيقول إمام أهل الأنساب في شنقيط أحمد البدوي المجلسي في عمود النسب:
وآل عباد ملوك الأندلس == من نسل ذي الطوق وقالها الندس
يوسف العدل ابن تاشفينا == الحميري ثم من لمتونا
ويقول ابن خلدون موريتانيا العلامة المؤرخ المختار بن حامد الديماني:
بربرت نفسيّ إن بربرت لمتونه == ووالديّ وديمانا ومن دونه
فإننا أينما سار المطيّ بنا == أبناء لمتون أو أحلاف لمتونهْ
ما عندنا لبني لمتونة من نسب == غير انتساب لدى لمتون ينمونه
فالحيمريّة في لمتون حرّرها == عشرون عدلا، أما تكفيك عشرونه؟
والجعفرية في حسّان حقّقها == في "طلعة المشتري" حبر كفى المونه
لو قد رآها ابن خلدونٍ فطالعها == لما تريّب في الأمر ابن خلدونه
أعوذ بالله من شرّ الذين وشوا == بي والوشاية بين النّاس ملعونه
وكذا جزم العلامة سيد محمد بن حبت القلاوي بهذه النسبة في كتابه عن الأنساب، وكذلك العلامة سيد عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي في "يسر الناظرين على روضة النسرين".
وقد ألفت عدة كتب قيمة من قبل علماء صنهاجيين تثبت هذا النسب وتفحم منكره منها:
-منظومة محمد امبارك اللمتوني في التاريخ.
-كتاب الدرر الوهاجة في عربية صنهاجة للقاضي الداه بن الطالب اعبيدي المسومي.
-كتاب الفلك المشحونه في عروبة وحميرية لمتونه للإمام بداه بن البوصيري التندغي.
وأُجيب عن إنكار ابن خلدون لهذه النسبة بانحيازه للموحدين في حروبهم مع المرابطين، وشذ رأي ابن حزم.
أقام الصنهاجيون بالمغرب الأدنى قبل الإسلام حيث شيدوا حضارتهم وتأثروا باللسان البربري في معظمهم، ولما قدم الإسلام إلى تلك البلاد بادروا إلى اعتناقه والجهاد ناشرين له فكان ذلك سبب وصولهم إلى الصحراء الكبرى.
ثم كونوا تحالفا جهاديا عرف بـ"حركة المرابطين" انطلق من قرية التيدره(حوالي 60كلم شمال انواكشوط) وسيطروا على كافة أراضي ما يعرف اليوم بموريتانيا بل والمغرب وتجاوزوا البحر الأبيض ليسيطروا على أجزاء واسعة من إسبانيا وتوسعوا جنوبا حتى خليج غينيا وشرقا حتى بحيرة التشاد، إلا أن الصراعات الداخلية دبت في ذلك التحالف بعد وفاة الأمير أبي بكر بن عمر اللمتوني مما أدى إلى سقوط دولة المرابطين وتقاسمهم الأرض.
وبقايا صنهاجة في موريتانيا اليوم هم:
-إدوعيش: يعود نسب الصميم منهم إلى يحيى بن عمر اللمتوني.
-مشظوف: يعتقد الإمام باب بن الشيخ سيدي الأبييري أنها تحريف مسوفه القبيلة الصنهاجية القديمة، قلتُ: لمَ لا تكون مسومة هي التي ذلك أصلها؟ فالظاهر أن التسمية أقرب.
-لمتونَ: وهي كونفدرالية قبلية منها: تجكانت ومسومة وتندغه وأولاد الحاج اعلي من إدولحاج وإدكوجي، إلا أن تجمعا منها احتفظ باسم القبيلة الأم.
ومن تجكانت تفرعت قبائل منها: إديجبَ في لبراكنة، وأهل الحاج المختار في إينشيري.
ومن تندغه تفرعت قبيلة إدغماجك.
ومن أولاد الحاج اعلي تفرعت قبيلة أهل سيد محمود الشهيرة.
-قبيلة لادم في الحوض الغربي.
-فرع آيت عثمان من تڭنه.
ومن المعروف عن المنتسبين لهذه القبائل معرفتهم الفائقة بالعلوم الإسلامية واللغوية واعتناؤهم بها إضافة إلى شدة الأنفة وحدة الشوكة وهي صفات تذكر بالعنصر العربي.

تصنيف : القبائل