تعديل

الأحد، 22 يناير 2017

إيڭاون

يعتقد بعض اللسانيين أن كلمة "إيڭاون" تحريف لكلمة الغاوين الواردة في الآية:"والشعراء يتْبعهم الغاوون"(الشعراء: 224) وقرِأ في السبع:"..يتَّبعهم.." بتشديد التاء، حيث يرون أنها تحولت من "الغاوون" إلى "إيغاوون" لتستقر أخيرا على "إيڭاوون" أو ببساطة: "إيڭاون".
تطلق هذه اللفظة في البلد على القبائل التي تمتهن العزف والغناء بغض النظر عن أصولها فهو مصطلح وظيفي لا علاقة له بالأصل البتة.
ازدهرت الموسيقى في الصحراء الكبرى بعد قدوم بني حسان إليها واستيلائهم عليها حيث استتب الأمن لصالحهم، وكما يُقال: الإنسان لا يبحث عن الطرب إلا في الرخاء فحيث عم الرخاء ظهرت الفنون الإنسانية وانتعشت، ويؤثر عن حجة الإسلام الغزالي قوله:" من لم يحركه الربيع وأزهاره، والعود و أوتاره، فهو فاسد المزاج ليس له علاج"، تأثرت الموسيقى الصحراوية بالثقافتين المحادتين لها: الزنجية والعربية فنتج عن هذا المزيج لون موسيقي خاص مبتكر، ابتدع الزفانون الصحراويون آلات موسيقية وطرق عزف لم يسبقوا إليها، فقد اتخذ رجالهم "التيدنيت" آلة عزف على منوال "العود" في الثقافة العربية، واتخذت نساءهم "آردين" الذي ما هو إلا تغيير لشكل التيدنيت لتتميز المرأة عن الرجل، ومبدأهما واحد.
عزف الزفانون الصحراويون نغمات على منوال الزنوج وسموها "الردات الكحل" وأخرى على منوال العرب وسموها "الردات البيظ" وأخرى جمعت اللونين سموها "الردات الزرڭ"، لتولد من ذلك ثلاثُ طرق موسيقية أو ما يُعرف بالجانبات "البيظَ، الكحلَ ولڭنيديَّ"، وقسموا المحطات الغنائية في كل واحدة من هذه الطرق إلى أربع تشمل أهم مشاعر الإنسان: يبدؤونها بـ"كر" وهو مَقام الفرح والطرب ويُثنون بـ"فاقُ" وهو مَقام الحماس والفخر ويثلثون بـ"سنيمَه" وهو مَقام الحُب والوجدانيات ثم يختمون بـ"لبتيت" وهو مَقام الحُزن ورقة العاطفة، ويتم الإنتقال من محطة إلى أخرى بإرخاء أحد أسلاك التيدنيت أو آردين، فيكون لبتيت-وهو آخرها-مرخى الأسلاك كلها فهو بارد هادئ.
وكانت الموسيقى-ولا تزال نوعا ما- ذاتَ أهمية خاصة لدى الصحراويين، فأي إمارة أو زعامة قبلية لم يكن لها زفانون فمحكوم على تراثها ومآثر أبنائها بالإندثار والخمول، وفي المُقابل تنافس الأمراء والزعماء وحتى العلماء على كسب خواطر هؤلاء لاستدرار قرائحهم وتحريك عواطفهم بأي ثمن، فهذا اعلي بابي بن بكار بن اعمر الإدوعيشي أحد زعماء إدوعيش ينقل سدوم بن انجرتو من الحوض إلى تڭانت مُقابل "كريت سدوم" التي صارت مضرب مثل في الغلاء حيث اشترط من بين أمور أخرى: نصيبا من كل شيء(إبلا أو بقرا أو غنما أو حصادا) يطرأ على الإمارة، وجلب الماء له مجانا كل يوم، وجمل يدفع عن كل زواج يقع في إدوعيش، وله الظهر من كل ذبيحة، ونصيب من كل صيد، ومن يذبح له ويسلخ بلا أجرة.
وكان من كمال الفتوة عند "العرب" أن يكون الشاب "مفتوح في أزوان" أي عارفا به متذوقا له يحضر مجالس الطرب ويبجل الزفانين، وفي كل إمارة تقريبا ظهر أمراء أدباء مفتوحون في أزوان: ففي الترارزه: اعلِ بن محمد لحبيب أمير الضفتين وابنه بياده وأحمد بن الديد، وفي أولاد امبارك: الكفيه بن بوسيف، وفي آدرار: سيد احمد بن أحمد العيده، وفي إدوعيش: امحمد بن امحمد شين وابراهيم بن ابراهيم والدان بن بكار، وفي إمارة مشظوف: محمد المختار بن اعلِ بن محمد محمود المعروف ب"ول تارمبَ"، وكان ذلك شأن بعض الزوايا أيضا خصوصا في "الڭبله"، ومن نظر في الجزء الذي خصصه ابن حامد للغناء والمغنين من موسوعته عرف صدق ما ذكرنا، وهذان العالمان: حرمه بن عبد الجليل العلوي وغالي بن المختار فال البصادي يستمعان إلى مغنية في شبابهما فينتشيان طربا ويقول حرمه:
ما لي أراك على حال سوى حالي == أما سمِعتَ غنا منينَ يا غالي؟
فيقول غالي وقد بلغ منه الطرب كل مبلغ:
ردت علي سرابيل الصِّبا جُددا == بعد ارتدائي لها بردا بأسمالي
وهذا العلامة محمد بن أبي مدين الديماني يقول للفنانة ياقوته بنت اعل وركان:
صوت تردده الحـــسناء ياقوتا == تنال من حســــنه شذرا وياقوتا
دامت سلامتها جذلى وحاسدها == لا زال عند جميع الناس ممقوتا
وهذا العلامة ڭراي بن أحمد يورَ الديماني يقول للمختار بن الميداح:
لصوتك فى كل القلوب دبيب == فهو إلى كل الأنام حبيب
تفردت فى الضرب الأصيل وفى الغنا == فلم يبق للشادين عنك نصيب
إذا صدئت مرآة قلب فما لها == سوى الضرب والترديد منك طبيب
وإن أخطأ الشادون فى طرق الغنا == فإنك فى طرق الغناء مصيب
فأعطاك يا مختار ربك نصرَه == وتيسيرَه فهو القريب مجيب
ومن أشهر العائلات الفنية في موريتانيا:
*لحساسنه: في الحوضين وتڭانت، منهم أهل انجرتو.
*أهل مانُ: في الترارزه ومنهم أسرة أهل الميداح الشهيرة والدهم أعمر بن مانُ عرف بالميداح لكثرة أمداحه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال فيهم العلامة المختار بن حامد الديماني:
مُداح خير الورى أبناء مداحه == دراس سيرته حفاظ أمداحه
الباسطون لآتيهم وجوههمُ == جُلاب أفراحه طراد أتراحه
يسقون مسمعه من راح شدوهمُ == فينتشي بالذي يسقاه من راحه
هم القريبون من مجد ومن كرم == أما الخنا فهم الناؤون من ساحه
*أهل آوليل: في الحوضين، منهم أهل نفرُ وأهل بوبَ جدُّ وأهل شغالي وأهل أحمد زيدان.
*أهل البُبانْ: أسرة شهيرة في الترارزه.
*أهل آڭمتار: في الحوضين، منهم أهل حمبارَ وأهل النانَّ وأهل السيد.
*أهل انڭذيْ: في الترارزه كذلك.
*أهل اعلِ وركان: في الترارزه كذلك.
*أهل أحمد لولي في الترارزه.
*أهل الدندان: في الحوضين، منهم أهل أعمر تيشيت وأهل اعل خدجه.
*أهل أسيساح بآدرار.
*أهل سدوم المختار بلعصابه وتڭانت، منهم أهل ايده وأهل أعمر إيڭيوْ.
*أهل دندني في الترارزه.
ومن مشاهير إيڭاون:
-أبو أزوان سدوم بن انجرتو من لحساسنه.
-فاطمه السالمه بنت البُبان: التي رثاها ابن أحمد يورَ بقوله:
يا روضة عند "تنضكصاله" حُييت == ومن أذى وصدى في القبر نجيت
يا ذات صوت وصيت عند فقدهما == لم يبق في الحي من صوت ولا صيت
-لعور بن انڭذي الشهير، الذي يقول له ابن ابنُ:
شاعر فالهول امعاك اتلَ == ايعود افزر وعت افزر
ذاك الزر امن الهول اخلَ == وذاك الزر امن الهول اعمر
-المختار بن الميداح الفنان الأديب الشهير من أهل مانُ.
-سيدِ بن دندنِّ من أهل دندن الذي قال فيه يعقوب بن أبي مدين الديماني نسبا الأبييري وطنا:
تقاصر أهل الشدو عن نجل دندن == فليس يحاكى نجل دندن في الفن
يحرك مني شدوه كل ســــاكن == ويُذهب أحزانى ويبــــعدها عني
-سيمالي بن همد فال: من لحساسنه، وهو الفنان الشهير.
-عبد الرحمن بن انـڭـذي: الفنان الشهير وزوجه عيشه بنت محمد اعلِ بن انـڭـذي.
-الخليفه وسدوم ابنيْ ايده اللذين اشتهرت تسجيلاتهما وكانا بدري زمانهما وهما من أهل سدوم المختار.
-أسرة أهل آب: سدوم وسداتِ والعندليب ديمِ وخليفتها ڭرمي.



0 التعليقات:

إرسال تعليق